الأربعاء، 16 أبريل 2025

باب العمل في غسل الجنابة


 حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة  ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ثم يفيض الماء على جلده كله

إذا اغتسل من الجنابة يعني إذا أراد أن يغتسل من الجنابة

وهنا عبر بالاغتسال عن إرادة الاغتسال 

قالوا إن الفعل ليبرز ويكون؛ يتوقف على شيئين وهما الإرادة والقدرة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل بسبب الجنابة يبدأ بغسل يديه ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً وهذا مذهب الجمهور وهو مشهور المالكية ووافقهم الحنفية والشافعية والحنابلة والوضوء قبل الاغتسال ليس بواجب إجماعاً وهو مستحب إجماعاً

فرائض الغسل : جمعهم بشار فى بيت شعر: فَتَنْوِي غُسْلَكَا ... وَعُمَّ كُلَّ الْجِسْمِ بِالْمَا وَادْلُكَا

وَخَلِّلِ الشَّعْرَ وَوَالِ كَالْوُضُو 

النية وعموم الجسم بالماء والدلك وخلل الشعر ووال كالوضوء

المالكية يرون أن الدلك فرض من فروض الغسل والمالكية قالوا إن الغسل هو صب الماء مع إمرار اليد على العضو المغسول فإذا صب الإنسان الماء على نفسه ولم يمرر يده فهو ليس بغسل عند العرب

النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل أصول شعره وكان يوالي كالوضوء، والموالاة ألا تفرق بين أعضاءك حتى تتم وضوئك حتى تتم غسلك.

باب الوضوء من قبلة الرجل إمراته

 

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء

الجس: المس

الملامسة المذكورة في القرآن "لامستم النساء" أى أنه يقصد الملامسة التى توجب الوضوء

اختلف أهل التفسير في تفسير الآية "أو لامستم النساء"

فذهبت طائفة من المفسرين وعلى رأسهم ابن عباس وعلى بن أبي طالب وابن عمر إلى أن الملامسة هي الجماع وقال الموالى الملامسة هي المس وقالت العرب الملامسة هي الجماع.

إختلف الفقهاء فى انتقاض الوضوء من مس الرجل امرأته وتقبيلها فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الوضوء ينتقد وذهب الحنفية إلى أن الوضوء لا ينتقض

والصحيح قول الجمهور بأن التقبيل والمس ينقض الوضوء.

 الدرس 40:

 الملامسة التي هي دون الجماع تنقض الوضوء فهذه الملامسة على وجهين: لمس بلذة ولمس بغير لذة أما اللمس بلذة فهو ينقض الوضوء عند المالكية والشافعية والحنابلة أما اللمس بغير لذة فهذا لا ينقض الوضوء عند المالكية والحنابلة وينقض الوضوء عند الشافعية 


وعلى هذا فإن القصد والوجدان شرطان مهمان لنقض الوضوء والقول في القبلة كالقول في اللمس ونقول إذا قصد اللذة انتقض وضوءه سواء وجد اللذة أو لم يجدها وإذا لم يقصد لذة ووجدها انتقض وضوءه وبذلك نقول اللمس والقبلة بغير قصد وبغير وجدان لا تنقض وغير ذلك ينقض وينقضون الوضوء بقبلة الفم إلا إذا كانت لرحمة أو وداع أو تحنن

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول من قبلة الرجل امرأته الوضوء

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول من قبلة الرجل امرأته الوضوء

 

باب الوضوء من مس الفرج

 

اختلفت فيه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما تسبب عنه اختلاف الفقهاء لأن بعض الأحاديث تؤذن الوضوء من مس الفرج ومن الأحاديث ما يؤذن بأن مس الذكر لا ينقض الوضوء ومن قال بانتقاض الوضوء فقد أخذ بحديث بسرة وضعف حديث طلق ومن قال بعدم انتقاض الوضوء فقد أخذ بحديث طلق وضعف حديث بسره أما الماكلية فأعملوا الحديثين وقالوا حديث بسرة صحيح وحديث طلق صحيح وان هذا ليس تعارضاً وإنما هو اختلاف فى الأحوال فقد يُمَسُّ الذكر مساً ينقض الوضوء وقد يُمَسُّ مساً لا ينقض الوضوء واختلفوا فيما بينهم في صفة عن صفة واختلفوا في تعيين الصفة فمنهم من قال إن الصفة المعتبرة هي العمد ومنهم من اعتبر الشهوة ومنهم من اعتبر المس بالكف أو باطن الكف أو بإصبع وهذا الذي استقر عليه عمل المالكية، قالوا لأن المس ببطن الكف هو لا يكون إلا ممن قصد مس العضو مساً لذلك العضو أما خلاف ذلك فهو غير مقصود فلا ينقض الوضوء 

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان ومن مس الذكر الوضوء فقال عروة ما علمت هذا فقال مروان بن الحكم أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ

 الدرس 39:

 حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان ومن مس الذكر الوضوء فقال عروة ما علمت هذا فقال مروان بن الحكم أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ

المس يكون بأي جزء من أجزاء البدن ولكن العرف خصه باليد والمالكية اختلفوا في انتقاض الوضوء بمس الذكر وما استقر عليه عمل المالكية أن من مس ذكره بباطن يده أو باطن أصابعه ولو بطرف أصبع إنتقض وضوءه ولم ينتقض إذا مسه بغير ذلك ويشترط ان يكون مسه على غير حائل

  • إذا شخص لديه اصبح سادس (زائد) و مس به ذكره فإن كان هذا الأصبع يوصل الإحساس انتقض وضوءه

جمهور العلماء يحكم بانتقاض الوضوء من مس الذكر 

المالكية والشافعية والحنابلة وذهب الحنفية إلى أن مس الذكر لا ينقض الوضوء حيث أخذوا بحديث طلق وضعفوا حديث بسرة

وحديث بسرة أرجح من حديث طلق لأمور: أولها أن قال البيهقى يكفي ترجيح حديث سرة أن الشيخين إحتجا بجميع رواته ولم يحتجوا باياً من رواة حديث طلق

ثانيها: حديث بسرة ناقل عن الأصل وحديث طلق مبق على الأصل حيث أن الأصل هو البراءة وأن الوضوء لا ينتقض بمس الذكر؛ فحديث طلق مبق على هذا الأصل وحديث بسرة ناقل عن الأصل وعندنا قاعدة أن الناقل عن الأصل مقدم على المبقي على الأصل لأن الشريعة جاءت لنقل الناس عما كانوا عليه وجزء منها مبقيا لما كان الناس عليه

ثالثها قالوا هذا مما تتوفر الدواعي لنقله ولم تنقله إلا بسرة ولكنه فاشٍ بين الناس أما قول الحنفية أن هذا مما تعم به البلوى لا يعمل فيه بخبر الواحد فهذا الأصل عارضهم فيه جمهور الأصوليين

وحدثني عن مالك عن إسمعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد لعلك مسست ذكرك قال فقلت نعم فقال قم فتوضأ فقمت فتوضأت ثم رجعت

هذا يدل على أن سعد بن ابي وقاص كان يرى أن الوضوء ينتقض من مس الذكر وأن القرآن لا يمسه إلا طاهر بطهارة الصلا ة

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا مس أحدكم ذكره فقد وجب عليه الوضوء

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال رأيت أبي عبد الله بن عمر يغتسل ثم يتوضأ فقلت له يا أبت أما يجزيك الغسل من الوضوء قال بلى ولكني أحيانا أمس ذكري فأتوضأ

وحدثني عن مالك عن نافع عن سالم بن عبد الله أنه قال كنت مع عبد الله بن عمر في سفر فرأيته بعد أن طلعت الشمس توضأ ثم صلى قال فقلت له إن هذه لصلاة ما كنت تصليها قال إني بعد أن توضأت لصلاة الصبح مسست فرجي ثم نسيت أن أتوضأ فتوضأت وعدت لصلاتي

طلعت الشمس فتوضأ وصلى الصبح وظنه صلى نافلة ولم يعهده يصلي نافلة في ذلك الحين

معناه أن وضوءه انتقض بمسه فرجه فلما تذكر توضأ وأعاد الصلاة

باب الرفعة في ترك الوضوء من المذي

 

يقصد هنا على وجه العلة لا على وجه الصحة

حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه ورجل يسأله فقال إني لأجد البلل وأنا أصلي أفأنصرف فقال له سعيد لو سال على فخذي ما انصرفت حتى أقضي صلاتي

هذا طرح للمذي الخارج على وجه المرض

يجب حمل كل الآثار فى هذا الباب على أن خروج المذي على وجه المرض لا على وجه الصحة

وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد أنه قال سألت سليمان بن يسار عن البلل أجده فقال انضح ما تحت ثوبك بالماء واله عنه

اله عنه: معناه اغفل عنه

 

 

 

o باب الوضوء من المذي

 

المذي ماء أبيض رقيقه يخرج عند اللذة الصغرى

حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه قال علي فإن عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أستحي أن أسأله قال المقداد فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال إذا وجد ذلك أحدكم فلينضح فرجه بالماء وليتوضأ وضوءه للصلاة.

الدرس 38:

الحياء قسمان: ممدوح وهو شهود النعمة ورؤية التقصير أى أنك تعقل نعم الله عليك وترى عجزك عن شكرها فترى تقصيرك فى شكر نعم الله عليك وهو يبعثك على الترقي فى الكمالات وإتباع القربات إثر القربات

والحياء الذموم هو الذي يمنع من فعل واجب أو يحمل على فعل معصية وهو قد سمى حياءً تجوزاً وإلا فهو من تلاعب الشيطان بمن إلتبس به. يحتاج الإنسان أن يعلم الشيء من أمر دينه؛ يجب عليه أن يفعله فيستحي أن يسأل فيقوده ذلك إلى تضييع ما يجب علیه معرفته

فلينضح : النضح يأتى بمعنيان الرش والغسل وهنا هي بمعنى الغسل لا الرش

المذى: ينقض الوضوء وهو موضع إجماع وهو لا يوجب الغسل وهو أيضاً موضع إجماع

ولكن اختلف الفقهاء هل يغسل ذكره كله أم موضع النجاسة فقط؟ مشهور مذهب المالكية والحنابلة أنه يجب عليه غسل ذكره كله وذهب الشافعية والحنفية إلى أنه يغسل موضع النجاسة فقط 

واختلف العلماء هل هذا الغسل لعلة وهي إزالة النجاسة أم هو غسل تعبدي؟

كل فعل تعبدي يجب إقترانه بالنية وهو من الأحداث والنجاسات التى يشترط في إزالتها الماء ولا يقوم غير الماء مقامه

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة فإذا وجد ذلك أحدكم فليغسل ذكره وليتوضأ وضوءه للصلاة يعني المذي 

عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان به سلس المذي وكان خروجه من لذلك على وجه المرض وبالتالي فهو لا ينقض الوضوء ولكن الإمام مالك يستحب لمن لديه هذا المرض أن يتوضأ لكل صلا ة ولا يوجبه عليه .

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن جندب مولى عبد الله بن عياش أنه قال سألت عبد الله بن عمر عن المذي فقال إذا وجدته فاغسل فرجك وتوضأ وضوءك للصلاة 

الحنفية والشافعية والحنابلة يوجبون الوضوء وهو الأحوط و لكن الإمام مالك يستحب الوضوء وذلك لمن كان به سلس المذي

 

o باب العمل فيمن غلبه الدم من جرح أو رعاف

 

حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طعن فيها فأيقظ عمر لصلاة الصبح فقال عمر نعم ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى عمر وجرحه يثعب دما 

لاحظ في الإسلام أى لا نصيب فى الإسلام لمن ترك الصلاة أي أن الانسان لا يعذر في ترك الصلاة لا في شدة ولا في فاقة ولا فى ضيق ولا فى شيء ما دام قادراً عاقلاً

الجرح إذا كان يسيل دماً بحيث لا ينقطع فالمصلي يصلي وإن لم ينقطع عنه الدم لأنها نجاسة لا يستطيع أن يكفها وإن كان الدم يتقطع وكان يستطيع ان يتحرز منه فإنه إذا سال عليه في صلاته أبطلها

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب قال ما ترون فيمن غلبه الدم من رعاف فلم ينقطع عنه قال مالك قال يحيى بن سعيد ثم قال سعيد بن المسيب أرى أن يومئ برأسه إيماء  قال يحيى قال مالك وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك

هذا الرجل إذا ركع وسجد خرج الدم فنجس الموضع والبدن فهذا الرجل يوميء أى يشير إلى الركوع والسجود فإذا كان ذلك الإيماء يخرج معه دم كفاه الإيماء ولم يحتج إلى الركوع والسجود

 

o باب العمل في الرعاف

 

الفرق بين هذا الباب وسابقة أن الذي معني في الرعاف الكثير والذي يُحوِج صاحبه للخروج ليغسل عنه الدم وهذا الباب فى القليل.

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أنه قال رأيت سعيد بن المسيب يرعف فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم الذي يخرج من أنفه ثم يصلي ولا يتوضأ

يقصد تخضب أنامله وبالتالى الدم قليل فقام سعيد بفتله بأنامله ثم استكمل صلاته والشرط فى هذه الصورة ألا يتجاوز الدم الأنامل العليا

وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه رأى سالم بن عبد الله يخرج من أنفه الدم حتى تختضب أصابعه ثم يفتله ثم يصلي ولا يتوضأ

وهذا الكلام محمول على الرعاف القليل أيضاً

 

باب ما جاء فى الرعاف

 

الرعاف يطلق على خروج الدم من الأنف والدم الخارج من الأنف

حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى ولم يتكلم

أجمع العلماء على أن الراعف الذي يريد أن يبنى إذا خرج فتكلم فإنه لا يجوز له البناء 

وهذا الموضع يتحدث فيه الفقهاء عن أربع مباحث:

الأول: الرعاف لا ينقض الوضوء.

الثاني: الرعاف لا يمنع البناء.

الثالث: الحدث يمنع البناء.

الرابع: ما الذي يفعله من رعف في صلاته.

الدرس 37:

المبحث الأول فى أن الرعاف لا ينقض الوضوء ومذهب المالكية وافق الشافعية على ذلك والدليل على ذلك أنه لا دليل يثبت أن الرعاف ينقض أما الحنابلة والحنفية فيرون أنه ينقض الوضوء

المبحث الثانى أن الرعاف لا ينقض ولا يبطل الصلاة ولا يمنع من البناء أى أن المصلي إذا رعف فإن رعافه لا يبطل صلاته وإن كثر ولكن عليه أن يخرج فيغسل أنفه ثم يبني على ما بقي من صلاته وهذا قول جمهور الصحابة

المبحث الثالث أن الحدث يمنع البناء وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة وخالفهم الحنفية فقالوا الحدث الغالب لا يمنع البناء وهو قول الشافعية القديم

وهو قول عند الحنابلة والمحدث أثناء الصلاة وخرج للوضوء فهو على أحد أمرين إما أنه في صلاة أو أنه في غير صلاة فإذا كان فى غير صلاة فيجب ألا يبني لأن إجماع العلماء على أن تفريق أفعال الصلاة مبطل لها. وإذا قلنا أنه فى صلاة فإن هذا الوجه أيضاً يبطل عليه البناء لأنه إذا قلنا أنه فى صلاة فنكون صححنا بعض صلاته بغیر وضوء وهو الوقت الذى أحدث فيه وخرج للوضوء والإجماع منعقد أن الطهارة شرط لصحة الصلاة وبهذا يمتنع البناء كما ذهب المالكية كما أن الإجماع منعقد على أن الراعف إذا تكلم لم يبني

المبحث الرابع: شروط البناء وهى 4 متفق عليها:

الأول : يشترط ألا يجد الماء فيجاوزه إلى أبعد منه

الثاني : ألا يطأ نجاسة رطبة

الثالث : ألا يسيل على ثيابه أوجسده ما لا يُعْفَى عنه من الدم [ما دون الدرهم]

الرابع : ألا يتكلم جاهلاً أو عامداً

وهذا البناء من باب الجائز لا من باب الواجب، واذا كان المصلي منفرداً فإنه فى المشهور عند المالكية ألا يبني لأنه لا مصلحة له فى ذلك كما فى صلاة الجماعة 

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يرعف فيخرج فيغسل الدم عنه ثم يرجع فيبني على ما قد صلى

هذا مثل ما تقدم ومما يضاف إلى حجج المالكية والشافعية

حديث وحدثني عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي أنه رأى سعيد بن المسيب رعف وهو يصلي فأتى حجرة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بوضوء فتوضأ ثم رجع فبنى على ما قد صلى

لعله أتى حجرة أم سلمة لأنها كانت أقرب الحجرات إليه ليأتى بماء ليغسل عنه الدم

باب العمل في المسح على الخفين

 

 حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة أنه رأى أباه يمسح على الخفين قال وكان لا يزيد إذا مسح على الخفين على أن يمسح ظهورهما ولا يمسح بطونهما

كان عروة بن الزير إذا مسح على الخفين مسح على ظاهرها ولا يزيد على ذلك

إنما أورد الإمام مالك الأثر عنه لأنه أحد الفقهاء السبعة ممن اجتمع عندهم علم الصحابة فلا بد أن يكون صنيعه ذاك مأخوذاً عمن تقدمه من الصحابة وهم أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أجمع العلماء على أن الواجب فى المسح هو ظاهر (أعلى الخفين)

المالكية والشافعية يرون استحباب مسح الأسفل أيضاً (عبد الله بن عمر كان يمسح أعلى الخف وأسفله)

المشهور فى المذهب أن من صلى بمسح أعلى الخف دون أسفله فعليه أن يعيد فى الوقت (يستحب له أن يعيد المسح على أعلى الخف وأسفله ثم يعيد الصلاة ما دام في الوقت) ولكن سحنون قال لا يعيد في الوقت لأن المسح رخصة والرخص مبنية على التخفيف

وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن المسح على الخفين كيف هو فأدخل ابن شهاب إحدى يديه تحت الخف والأخرى فوقه ثم أمرهما قال يحيى قال مالك وقول ابن شهاب أحب ما سمعت إلي في ذلك

قال الإمام مالك هذه هي هيئه الكمال

 

باب ما جاء فى المسح على الخفين

 

 المسح هو إمرار اليد على العضو الممسوح 

المسح على الخفين منعقد بالإجماع خلافاً للشيعة والخوارج والإباضية

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عن أبيه عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تبوك قال المغيرة فذهبت معه بماء فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت عليه الماء فغسل وجهه ثم ذهب يخرج يديه من كمي جبته فلم يستطع من ضيق كمي الجبة فأخرجهما من تحت الجبة فغسل يديه ومسح برأسه ومسح على الخفين فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم وقد صلى بهم ركعة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة التي بقيت عليهم ففزع الناس فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحسنتم

خطَّأ العلماء الإمام مالك فى أن عباد بن زياد ليس من ولد المغيرة بن شعبة والصواب أن عباد بن زياد روى عن ولد المغيرة بن شعبة.

 الدرس 35:

 غزوة تبوك كانت في السنة التاسعة من الهجرة وسميت غزوة العسرة لعسرة الحر وعسرة الماء وعسرة الظَّهر

من أكثر من أنفق لتجهيز الجيش هو عثمان بن عفان بألف دينار وممن تصدق في هذا اليوم عبد الرحمن بن عوف بألفي درهم وكانت نصف ماله وتصدق عمر بن الخطاب بمائتي أوقية

استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً في المدينة 

لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة أصناف من الناس:

المعذورون: اهل الأعذار 

المنافقون: بضعة وثمانين رجلاً

ثلاثة من الصحابة هم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية

مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك 20 يوماً ولم يلق قتالاً ورجع منتصراً

تم تخليف الثلاثة إلى أن يقضي الله فيهم 

حين أتموا 40 ليلة أتاهم من يخبرهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتزلوا زوجاتهم ثم مرت 10 ليال حتى أتموا 50 ليلة وبعد صلاة الصبح آذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله على الثلاثة

* موضع الشاهد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين

يستنبط من هذا الحديث أن الصحابة كان عندهم صلاة الصبح فى أول الوقت أولى من الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم 

وحدثني عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه فقال له سعد سل أباك إذا قدمت عليه فقدم عبد الله فنسي أن يسأل عمر عن ذلك حتى قدم سعد فقال أسألت أباك فقال لا فسأله عبد الله فقال عمر إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما قال عبد الله وإن جاء أحدنا من الغائط فقال عمر نعم وإن جاء أحدكم من الغائط

هنا عبد الله بن عمر يسأل وإن جاء أحدنا من الغائط أى عن وضوء بعد حدث؟

هنا عمر رضى الله عنه ذكر شرطاً واحداً وهو إدخال رجليه وهما طاهرتان

وهنا عمر رضى الله عنه لم يذكر له وقتاً يمتد فيه وقتاً ولا مدة للمسح وهذا موضع اختلف فيه العلماء فمذهب المالكية أن المسح لا توقيت له وأن الإنسان إذا أدخل رجليه فى نعليه وهما طاهرتان أنه يمسح ما بدا له من غير تأقيت وذلك إذا كان حاضراً أو مسافراً.

وذهب الجمهور إلى أن المسح مؤقت بثلاث أيام بلياليهم للمسافر وبيوم وليلة للمقيم.

‏وذو احتياط في أمور الدينِ من فر من شك إلى يقينِ

والاحتياط والأحوط هو اتباع الجمهور في التأقيت ويمكن الجمع بين الفتوتين كما فعل ابن تيميه بأن أفتى بالتأقيت و أفتى بعدم التأقيت عند الحاجة، ولكن الأصل عنده هو التأقيت

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر بال في السوق ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد فمسح على خفيه ثم صلى عليها

عبد الله بن عمر توضأ فى السوق ولم يمسح على خفه، ولكن مسح عليه حين دخل المسجد ودُعي إلى الصلاة على جنازة فهنا ترك الموالاة وهذا الحديث محمول على أن إما أن المسجد في السوق فهذا لا يقدح في الموالاة وهو ما نحمله عليه، وأورده الإمام مالك دلالة على المسح بعد حدث

وحدثني عن مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش أنه قال رأيت أنس بن مالك أتى قبا فبال ثم أتي بوضوء فتوضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين  ومسح برأسه ومسح على الخفين ثم جاء المسجد فصلى قال يحيى وسئل مالك عن رجل توضأ وضوء الصلاة ثم لبس خفيه ثم بال ثم نزعهما ثم ردهما في رجليه أيستأنف الوضوء فقال لينزع خفيه وليغسل رجليه وإنما يمسح على الخفين من أدخل رجليه في الخفين وهما طاهرتان بطهر الوضوء وأما من أدخل رجليه في الخفين وهما غير طاهرتين بطهر الوضوء فلا يمسح على الخفين قال وسئل مالك عن رجل توضأ وعليه خفاه فسها عن المسح على الخفين حتى جف وضوءه وصلى قال ليمسح على خفيه وليعد الصلاة ولا يعيد الوضوء وسئل مالك عن رجل غسل قدميه ثم لبس خفيه ثم استأنف الوضوء فقال لينزع خفيه ثم ليتوضأ وليغسل رجليه

وهذا أيضاً مثل الذي تقدم فهو يوضح جواز المسح على الخفين بعد حدث.

 الدرس 36:

 قال يحيى وسئل مالك عن رجل توضأ وضوء الصلاة، ثم لبس خفيه ثم بال ثم نزعهما ثم ردهما في رجليه أيستأنف الوضوء فقال لينزع خفيه وليغسل رجليه وإنما يمسح على الخفين من أدخل رجليه في الخفين وهما طاهرتان بطهر الوضوء وأما من أدخل رجليه في الخفين وهما غير طاهرتين بطهر الوضوء فلا يمسح على الخفين

الامام مالك ذکر شرطاً من شروط المسح على الخفين وهو إدخال الرجلين والمكلف طاهر 

شروط المسح على الخفين عشرة خمسة تخص الممسوح عليه وخمسة تخص الماسح جمعها بشار في قوله:

رخص مسح الخف لانثى او ذكر

               في حضر من غير حد أو سفر

بشرط جلد طاهر قد خرزا

                   يتابع المشي لكعب حرزا

بكامل الطهارة المائية 

                   بلا تَرَفُّه ولا معصية

الخف هو كل ساتر من جلد يكون على الجلد يمكن متابعة المشي فيه

  • شروط الممسوح عليه: جلد - طاهر مخيطا (مخروزا) - يمكن متابعة المشي فيه - ساترا لمحل الفرض 

الرخص لا يُتجاوز بها محالها فإذا نزلت الرخصة في المسح على الخفين فلا يمكن أن تُعَدَّى الرخصة من المسح على الخفين إلى المسح على الجوربين أو النعلين أو الحذائين، وكون الرخص لا يتجاوز بها محالها فهذا مذهب جمهور أصوليي الأحناف وطائفة من المالكية وطائفة من الشافعية وطائفة من الحنابلة

وهذا الشرط خالفهم فيه جمهور العلماء بأن يجوز أن يمسح على غير المجلد والمسح على الجورب 

ويمكن إجازته لمكان الحاجة إلى المسح لا لخصوص الخف فيمكن تطبيق الأمر مثلا على من يشكو من البرد فهى حاصلة لمن يلبس الخفين وهي حاصلة لمن يلبس الجوربين وقد ثبت المسح على الجوربين عن طائفة من الصحابة ذكر منهم أبو داود : على بن أبي طالب والبراء بن عازب وأبا هريرة وابن عباس وعمرو بن الحارث وعمر عمرو بن حریث وغيرهم.

  • شروط الماسح: 

طاهراً: يلبس خفيه وهو طاهر وهو موضع إجماع من الفقهاء 

طاهراً بطهارة مائية: لا يجوز لمن لبسه بعد تيمم ووجد الماء وهذا الشرط يكاد أن يكون موضع إجماع أيضا

أن تكون الطهارة المائية كاملة: معناه أنه إذا توضاأ وأثناء الوضوء بالماء مثلاً غسل رجله اليمنى ثم أدخلها فى الخف ثم غسل اليسرى ثم أدخلها فى الخف فهذا لا يجوز له المسح على الخفين بعد ذلك لأنه لم يلبس خفيه على طهارة مائية كاملة بل لبس خفه الأيمن ولم يكن قد تحقق له الطهارة المائية الكاملة وإنما هي طهارة جزئية وهذا مذهب الشافعية والحنابلة أيضاً أما الأحناف فيجيزون لهذا الرجل أن يمسح على الخفين بعد ذلك وقالوا هو أدخل رجليه طاهرتان وهذا القول مردود عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترط أن يكون أدخل رجليه على طهارة ولكن العلماء يجوزون له المسح إذا أخرج رجله اليمنى بعد أن أدخل رجله اليسرى في الخف ثم أدخلها مرة أخرى لأنه في هذه الحالة يكون لبسها على طهارة كاملة .

الشرط الرابع بلا ترفه: أي لا يلبس خفه على وجه الترفه والتعاظم وإنما لمقصود صحيح مثل الاستدفاء أو وقاية الرجل عن الهوام وغير ذلك من المقاصد الصحيحة وهذا الشرط لم يعتبره بعض المالكية.

الشرط الخامس ألا يكون عاصياً بلبسه مثلا أن يكون محرما بحج أو بعمرة ويلبسه بغير ضرورة أو يكون مثلا لبس خفاً من حرير (على القول بالمسح على غير الجلد)

الرخص لا يستعان بها على المعصية.

سئل مالك عن رجل توضأ وعليه خفاه فسها عن المسح على الخفين حتى جف وضوءه وصلى قال ليمسح على خفيه وليعد الصلاة ولا يعيد الوضوء

هذا الرجل صلاته باطلة لأنها بلا وضوء وليتم وضوءه وقد نسى الفرض فعليه أن ياتي به حيث أنه ذكره عن بُعد ولا يجب عليه إعادة الوضوء، ولكن إذا أحب إعادة الوضوء فهذا له.

سئل مالك عن رجل غسل قدميه، ثم لبس خفيه ثم استأنف الوضوء فقال لينزع خفيه ثم ليتوضأ وليغسل رجليه

هذا الرجل حين توضأ فإن وضوءه صحيح لأن الترتيب ليس بواجب ولكن إذا أحدث لا يجوز له المسح على خفيه لأنه لم يلبسها على طهارة كاملة وإنما أدخلهما على طهارة غير كاملة وهو مذهب الشافعية والحنابلة أيضاً، ولكن لأنهما يرون أن التريب من فروض الوضوء

هنا خلاف بين المالكية والأحناف حيث يقول المالكية إن العضو الذي يُغسل فى الوضوء لا يحكم بطهارته إلا بعد تمام الوضوء لكن الأحناف يقولون إن العضو يطهر بمجرد غسله

 

باب العمل في غسل الجنابة

  حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم ...