حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة فقال أولا يجد أحدكم ثلاثة أحجار.
الاستطابة والإطابة هي إزالة النجاسة من المخرج بالحجارة
أو بالماء، فهو مستطيب أو مطيب اما الاستجمار فيكون بالحجارة خاصة.
هذا الحديث أصل في مسالة فقهية، ما حكم إزالة النجاسة؟
المسألة فيها قولان (مستحبة وواجبة) والقولان مشهوران في المذهب.
ما ثمرة الخلاف؟ إذا قلنا أن إزالة النجاسة واجبة فإذا
صلى رجل وفى بدنه أو ثوبه أو مكانه الذي صلى فيه نجاسة ثم علم ولو بعد سنة بتلك
النجاسة وجب عليه أن يعيد الصلاة
وعلى القول أنها مستحبة ففى الحالة السابقة يستحب له
إعادة الصلاة إذا علم في الوقت أما إذا خرج وقتها فلا يعيدها.
* العلماء إذا صدروا كلامهم بـ هل فهي للإشارة أن المسألة
فيها خلاف.
سلا الجزور هو الغشاء المحيط بالفصيل وهو في بطن أمه فلما
وضعه عقبه بن أبى محيط على ظهر النبي وهو يصلى ولم يرفع رسول الله صلى الله عليه
وسلم إستدل العلماء على أن مستحب وليس بواجب.
إستدل العلماء الذين يقولون بوجوب إزالة النجاسة بالقرآن
" وثيابك فطهر" وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر بقبرين يعذب
من فيهما وأحدهما يعذب لأنه لم يكن يستنزه من البول ولا يُعَذَّب أحد على ترك
مستحب وإنما يعذب على ترك واجب واستدلوا كذلك بإلقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
نعليه ووضعهما على يساره وهو يصلي وأخبر الناس بعدها أن جبريل عليه السلام أخبره
أن بهما قذرا.
الأظهر أن إزالة النجاسة واجبة.
في هذا الحديث ليس الحكم مقصوراً على الأحجار ولكنه
الغالب فى البادية والصحراء، ولكن يمكن استخدام أي شيء آخر.
ذهب المالكية والحنفية إلى أن الثلاثة ليس بمشترط، ولكن
المهم هو الإنقاء فإن حصل بحجر واحد أجزأ.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لابد من ثلاثة فأكثر.
يستحب لمن يستخدم غير الحجارة كالورق الصحى مثلاً أن
يستخدم منه ثلاثة قطع ليحصل أجر الاستحباب.
إذا استخدم الرجل ثلاثة أحجار ولم يحصل الإنقاء يجب عليه
أن يزيد إلى أن يحصل الإنقاء ونستحب أن يكون وتراً.
المقبرة: مكان القبر وهو مكان اخبار
الموتى
زيارة المقابر مستحبة للرجال بإجماع
العلماء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور المقابر وكان إذا أتى المقبرة
يقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا بكم إن شاء الله لاحقون
أنتم لنا فَرَط ونحن لكم تبع نسأل الله لنا ولكم العافية
حكم زيارة المقابر للنساء, فهذا موضع اختلف فيه الفقهاء
فذهب المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة فى رواية أن زيارة القبور للنساء
مشروعة وذهب الحنابلة فى رواية أخرى أنها ممنوعة
عائشة رضى الله عنها سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم كيف أقول إذا زرت المقابر، قال: قولي السلام عليكم أهل الديار من
المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم
لاحقون. لكن إذا أكثرت المرأة من زيارة القبور تُمنَع وعلى ذلك فهى تمنع من اكثار
الزيارة لئلا تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله زوارات القبور
علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأدب عند الدخول على القبور بالتسليم على الموتى.
الغُرُّ: جمع أغر وهو الذي له غرة وهو الذي في وجهه
بياض
المحجلة: هي التي في قوائمها بياض ولا يشترط في الأربعة
قوائم ولكن يكفي أن يكون في قائمتين
الدهم: جمع أدهم وهو الأسود من الخيل
البهم: جمع بهيم وهو الذي لا يخالط لونه لون آخر
هذه العلامة التي يعرف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
أتباعه وهي من أثر الوضوء وهي ليست لغير هذه الأمة
لا يذادن رجل: لا الناهية ويقصد بها فلا يفعل رجل ما
يتسبب في ذوده عن الحوض وابعاده وطرده
الضلال: هو التيه عن المقصود
هَلُمٌ: أقبل
النبي صلى الله عليه وسلم رآهم وعرفهم وناداهم أقبِلوا
فيُطردون وتذكر علة طردهم، أنهم غيروا سنتك وما كان ينبغي لهم ذلك
النار لا يخلد فيها إلا من خلده القرآن ويبقى فيها من ليس
في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فالقرآن لا يسوى بين من قال لا إله إلا الله
ومن امتنع عن قولها فمن قالها إما يغفر له أو يعذبه ثم يخرجه من النار ويدخله
الجنة
لا يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن لا يرضى عنه
ربه
سحقا: بعدا
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن حمران مولى عثمان بن
عفان أن عثمان بن عفان جلس على المقاعد فجاء المؤذن فآذنه بصلاة العصر فدعا بماء
فتوضأ ثم قال والله لأحدثنكم حديثا لولا أنه في كتاب الله ما حدثتكموه ثم قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرئ يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يصلي الصلاة
إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها قال يحيى قال مالك أراه يريد
هذه الآية أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك
ذكرى للذاكرين
المقاعد: بعضهم يقول هى مقاعد كانت بجوار المسجد يجلسون
عليها وبعضهم يقول أنها كانت حجارة بجانب دار عثمان كان يجلس عليها ويتحلق الناس
من حوله يحدثونه.
لولا أنه فى كتاب الله: لولا أن معناه فى كتاب الله
هذا الحديث بشارة للأمة لكل من واظب على الوضوء والصلاة
فهما كفارة لما بينه وبين الصلاة التى تليها فمن استمر على ذلك استمر فى كفارة حتى
يقبضه الله إليه فخشي عثمان أن يحدث الناس بهذا الحديث فيتكل الناس عليه ولا
يعملوا لذا قال لولا أن معناه فى كتاب الله ما حدثتكم عنه ولذلك فلا معنى لكتمانه
وهو في كتاب الله، ولكن عثمان لم يبين الآية التي نزع إليها لذلك قال مالك
"أُراه يريد هذه الآية" وعروة خالف الإمام مالك فى هذا فقال أُراه نزع
إلى آية أخرى وهى قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا
مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي
الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [سورة
البقرة:159].
أن عثمان خاف أن يكون ممن يكتم ما أنزل الله من البينات
فأراد أن يظهره وإن اتكل الناس
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد
الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض
خرجت الخطايا من فيه وإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا
من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج
من تحت أظفار يديه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه فإذا
غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه قال ثم كان مشيه إلى
المسجد وصلاته نافلة له
الخطايا المقصودة في الحديث هي الصغائر وليست الكبائر
من فضل الله سبحانه وتعالى أن الوضوء يكفر الخطايا ويبقى
المشي فيكون لرفع الدرجات
وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه
خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل
يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل
رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من
الذنوب
"أو" التي جاءت في موضعين "المسلم أو
المؤمن" "و"مع الماء أو مع آخر قطر الماء" هى للشك وهو شك
الراوي فى لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يستطيع أن يجزم بشىء وهذا من نعم
الله تعالى على هذه الأمة.
س : هل يجوز رواية الحديث بالمعنى؟
هذه حالة اختلف فيها العلماء على 6 أقوال:
1- المنع مطلقاً: إما أن تورده باللفظ أو لا تورده لأنه
لا يأمن أن يغير المعنى ولو لم يغيره
2- جواز الرواية بالمعنى عمن كان عالماً باللغة العربية و
تصاريفها و مقاصدها وما يغير معانيها وما يحيل تراكيبها فإن كان الراوى بهذه الصفة
جاز له ذلك وهو رأي جمهور العلماء والأئمة الأربعة.
3- يجوز التغيير في الرواية بتغيير لفظ بمرادفه فقط مع
عدم تغيير التركيب وهذا هو قول الخطيب البغدادي
4- إذا كان الحديث من أحاديث العقائد جازت روايته بالمعنى
واذا كان يفيد العمل لم تجز روايته بالمعنى
5- تجوز لمن كان يحفظ الحديث ثم نسي اللفظ وتذكر المعنى
6- لا تجوز الرواية بالمعنى لمن كان حافظا للفظ ونسيه
وتذكر المعنى
وقول الجمهور هو الأظهر وهو الأصح
علينا أن نخشى على أنفسنا من الجرأة على رواية الحديث
بالمعنى ولكن لمن يحفظ النص فلا بأس
بعض الحنفية وبعض الحنابلة لهم رأي بأن الماء الذي يستخدم
فى رفع الحدث في وضوء أو فى غسل فهذا الماء يتنجس باستعماله وهذا قول غريب فالذنوب
والخطايا ليس لها أجرام تنجس الماء وهذا القول رده جماهير العلماء وقالوا أن الماء
المستخدم في الوضوء مكروه استعماله إذا وجد غيره.
وحدثني عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس
بن مالك أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس
وضوءا فلم يجدوه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء في إناء فوضع رسول الله
صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده ثم أمر الناس يتوضئون منه قال أنس فرأيت
الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم.
هذه من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المدني المجمر أنه سمع
أبا هريرة يقول من توضأ فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى الصلاة فإنه في صلاة ما دام
يعمد إلى الصلاة وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة ويمحى عنه بالأخرى سيئة
فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع فإن أعظمكم أجرا أبعدكم دارا قالوا لم يا أبا
هريرة قال من أجل كثرة الخطا
من توضأ فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى الصلاة: خرج
قاصداً إلى الصلاة متوضئاً لم يخرجه إلى الصلاة فهو في صلاة له أجر المصلى قبل أن
يتلبس بالصلاة. وهذا الحديث من أمثلة الأحاديث الموقوفة لفظا المرفوعة حكماً لأنه
يتحدث عن أجر لا يمكن أن يعرفه أبا هريرة بنفسه لأن مثل هذا لا يقال من باب الرأي.
السعي هو المشى سواءا كان سريعاً أو لم يكن سريعاً
والمقصود هنا في هذا الحديث هو المشي بسرعة لأن السرعة فيها من الخروج عن الوقار
الذي يجب أن يكون عليه المقبل على الصلاة وهو من الأدب النبوى الذى ينبغى أن
يُتَحلى به والرجل في صلاة منذ أن خرج من بيته فلا داعى لإسراع الخطى والأجر لا
يفوتك
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب
يسأل عن الوضوء من الغائط بالماء فقال سعيد إنما ذلك وضوء النساء
يقصد أن يسأل عن الاستنجاء بالماء وليس الوضوء
لا خلاف بين العلماء أن الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ
أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:108] نزلت فى أهل
قباء لأنهم كانوا يستنجون بالماء
أجمع العلماء على أن الماء أطيب وأطهر ولاسيما إذا جُمعَ
بين مسح وغسل
كلام سعيد يُفهمُ على وجه آخر؛ يفهم على أن الذي يجب أن
يستعمل الماء هو النساء يعنى سُئل عن الوضوء لا عن استعمال ولكن عن وجوب استعمال
الماء و وجوب الاستنجاء بالماء فقال إنما ذلك وضوء النساء أي أن ذلك لا يجب إلا
على النساء أما الرجال فيجوز أن يستعمل الماء ويجوز أن يستعمل الحجارة أو غيرها في
إزالة النجاسة أما النساء فالعلماء يذكرون أن بعض الأحداث لا يطهرها إلا الماء
وهذه الأحداث يجمعها قول بشار : وعينوا للماء في مني او حيض نوْنِ فاسٍ أو مذي أو
بول انثى أو خصي أو يرى منتشرا عن مخرج إن كَثُرَ
(والعلة في ذلك أن بول الأنثى ينتشر) وهذا الذي ينتشر لا
يطهره إلا الماء.
انفرد الإمام مالك برواية هذا الحديث بلفظ
"شرب" وسائر رواه هذا الحديث يروونه بلفظ إذا ولغ الكلب والولوغ هو ان يدخل
الكلب لسانه في السائل الموجود فى الاناء فيحرك السائل بطرف لسانه أو يشرب بطرف
لسانه والولوغ خاص بالسباع
قال بن عبد البر لا أعلم أحداً يقول "شرب
الكلب" إلا مالك
اختلف العلماء فى غسل الإناء هل لأنه تنجس أم لعلة أخرى
والجمهور أن الغسل لأن الإناء تنجس لأن لعاب الكلب نجس أما المالكية فقالوا أن
الغسل ليس لنجاسة لأن الكلب ولعابه ليس بنجس، ولكن الغسل لعله لا نعلمها فالغسل
تعبدي (غير معقول العلة)
الطهور في الشرع لرفع الحدث أو إزالة نجاسة.
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ الكلب
وقال بعضم المالكية بالتتريب أي بغسل الإناء بالتراب مرة
مع سبع مرات بالماء
1- أن الأصل في الحي الطهارة، فكل حي طاهر عند مالك، كما أن الأصل أن كل حيوان ميت فهو نجس، وهذه قاعدة في الحياة وفي الموت.
2- النص القرآني الكريم، فإن المولى
سبحانه وتعالى لما سأل السائلون: ماذا أحل لهم؟ قال: }قُلْ
أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ] {المائدة:٤[، قال مالك: فكلب
الصيد يذهب ويمسك الصيد لصاحبه، ولم نجد الأمر بغسل موضع عض الكلب للصيد، وليس هو
مجرد ولوغ، بل هو عض بفمه كله على الصيد، فلم يؤمر صاحب الكلب المعلم أن يغسل موضع
عض الكلب للصيد.
3- استدل المالكية بصنيع البخاري في صحيحه،
وهو وإن لم يصرح بمذهبه، فإنه يدل على ميوله إلى مذهب مالك في هذه المسألة؛ لأنه
ساق أربعة أحاديث يفهم من مجموعها عدم نجاسة سؤر الكلب، منها حديث كلب
الصيد، ومنها) كانت الكلاب تروح وتغدو في مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم(، وما الفائدة
من هذا الحديث الذي يسوقه البخاري في كتاب الطهارة؟ قال السيوطي: إن البخاري فقيه، ودلالة الفقه في صحيحه أكثر من دلالتها
في غيره؛ وذلك لفقهه، ولذا يقول العلماء: فقه البخاري في تبويبه، وقد يبوب الباب لمسألة فقهية ولا
يورد فيها أي حديث؛ لأنه صح عنده حديث في معنى الباب، ولكن ليس على شرطه في الصحة،
فيأتي بالمعنى تحت الباب ولا يسوق الحديث؛ لأنه دون ما اشترطه، وقد يترجم للمعنى
ويأتي بحديث في الظاهر أنه بعيد جداً، ولكن المعنى موجود فيه، فهنا البخاري
بوب: كانت الكلاب تروح وتغدو في مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وذلك أنه في عام الوفود سنة تسع كان صلى الله عليه وسلم ينزل الوفود في
المسجد، ولما جاء وفد بني ثقيف في السنة التاسعة أنزلهم في المسجد، ونصب خيامهم في
المسجد، وكان يشرف على خدمتهم، وكان ذلك في رمضان؛ ليروا حال المسلمين في صيامهم
وفطورهم، ويروا تلاحمهم وإخاءهم، ولذلك لم يخرج رمضان إلا وقد أسلموا
جميعاً، قال البخاري: كان هؤلاء القوم في المسجد، وكان يؤتى لهم بالطعام، وحاسة
الشم قوية عند الكلب، فهو يمشي ويتشمم في تربة الأرض، ومعلوم أنه إذا تشمم الكلب
تربة الأرض فإن لسانه يلهث أيضاً، فلا بد أن يصيب لعابه التربة، ولم يأمر صلى الله
عليه وسلم بغسلها، ولا بصب الماء عليها كما أمر في قصة بول الأعرابي، ولا أمر بمسح
التراب عن مواضع تشمم الكلاب في المسجد، ولو كان سؤر الكلب نجساً لمنعت الكلاب من
ذلك (لأنه لا يجوز السماح بدخول نجس إلى المسجد)، وتتبع مواطنها، وطهرت بما يمكن أن تطهر به. ونفس الأمر
في وجود أهل الصفة وبالطبع يأكلون في المسجد ويقع منهم الفتات على الأرض وتلحسه
الكلاب التي تروح وتغدو ولم يؤمر بتطهير الأرض من نجس ول قذر معنى هذا أنهم لم
يكونوا يرون نجاستها.
4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ
عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثمَّ خَرَجَ
فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ– يَأْكُلُ- الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ
الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خفَّهُ مَاءً ثمَّ
أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ الله لَهُ
فَغَفَرَ لَهُ. قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في هذه البهائم لأجرًا؟! فقال: فِي كلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍأَجْرٌ.) قالوا: هذا
الحديث مما يستدل به على طهارة الكلب، فإن الرجل سقى الكلب في خفه، واستباح لبسه
في الصلاة دون غسلِه، إذ لم يذكر الغسلُ في الحديث، وشرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم
يرد ناسخٌ.
5- أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سئل عن
الحياض التي بين مكة والمدينة تَرِدُها السِّبَاعُ والكلاب والحُمُر،
وعن الطهارة منها فقال: لَـهَا مَا حَمَلَتْ فِي
بُطُونِهَا وَلَنَا مَا غَبَرَ طَهُورٌ.
6- أن غسلَ الإناء من ولوغ الكلب لا يدلُّ
على نجاسته، بل هو تعبُّدِيٌّ، كما أن الوضوء وسائرُ الاغتسالات
الواجبة في طهارة الأعضاء لا توجب نجاسة الأعضاء. ولو كان
نجسا لاكتفي في غسله بمرَّةٍ، من غير تحديد سبع، ولو كان الغسل سبعًا لأجل
النجاسة، لكان الخنزير بذلك أولى، مع أنه لا يغسل إلا مرة. ولكان غسل
البول والغائط أولى أن يكون سبع مرات وهذا لم يرد.
الدرس 34:
قوله صلى الله عليه وسلم استقيموا فلا تزيغوا عما رُسِم
لكم
ولن تحصوا: اختلف في تفسيرها على ثلاثة أوجه:
١- ولن تحصوا: ثواب الاستقامة إذا استقمتم
٢- ولن تحصوا أي لن تطيقوا الاستقامة بحولكم وقوتكم، ولكن
تقدرون بتوفيق الله لكم
٣- ولن تحصوا: لن تستوعبوا خصال الاستقامة كلها (كل مأمور
وكل منهي)
استقيموا هذا من جوامع كَلِمِه صلى الله عليه وسلم من
الاستقامة هي اتباع كل مأمور والانتهاء عن كل منهى
وخير أعمالكم الصلاة: لما اجتمع فيها من قراءة القرآن
والركوع والسجود والتسبيح والتحميد والتكبير وهي معراج المرء إلى ربه ويكون المرء
فيها قريبا من ربه.
ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن لما يعلمه المؤمن من فضل
الوضوء ولأنه يرى فضل الوضوء أنه شطر الإيمان ويمحو الله به الخطايا ويأتي يوم
القيامة غراً محجلاً من أثر الوضوء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق